آية اكتمال التشريع

الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)

الأحد، 24 أكتوبر 2021

مشاهد من يوم القيامة كتبــه عبـــدالرحــــمن التــــركي

 الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون واشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وبعد .

كتبت هذا المبحث اللطيف في مراحل القيامة تذكرة وتبصرة لكل عبد منيب وان الذي يمكن أن يحدثنا عن مشاهدة القيامة وما حوت من أهوال وشدائد هو رجل واحد فقط ذلكم هو النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الكلام ليس مستقى من تقولات الناس أو من تكهنات الكهان أو روئ منامية بل هو الحق اليقين بالوحي الإلهي بواسطة جبريل الأمين على قلب سيد المرسلين  ، فتعالوا نلقي نظرة على ارض المحشر وما حوت يوم القيام والحضور والبعث والنشور  من الأهوال والشرور عسى الله أن يقينا شر ذلك اليوم ويلقينا نضرة وسرورا .

أخي لا أحد يستطيع أن يجيبك عن التساؤلات كلها إلا محمد صلى الله عليه وسلم الساطع برهانا والواضح بيانا كما ستقرأه في هذا الكتاب.

وقد سميت هذا المبحث بمشاهدة القيامة كأنك تبصرها بناظريك وهو بحق مشتمل على غالب مراحلها وهي عشرة مراحل أخذت بالاستقراء من الكتاب والسنة بدء بالموت ،والقبر والفناء والبعث والحساب والميزان والصراط والقنطرة ودخول أهل النار النار وأهل الجنة الجنة ثم اشتمل على خاتمة في بيان أهمية التوبة إذ هي واجب العمر والمحصنات الذهبية من كلام شيخنا الطحان اصفى من الذهب واحلى من العسل وأبرزها خمسة عشر أمرا .

ومن خصائص هذا المبحث احتواؤه على الأدلة النقليه والعقلية وكتابته بروح العصر والله اسأل أن ينفعني به وكل من قرأه وسمعه وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن لا يحرمني ما بذلت فيه من جهد هو من فضل ربي علي وإكرامه لي والحمد لله ربي.

كتبه / عبد الرحمن التركي

الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين وله الملك يوم ينفخ في الصور يوم القيام من القبور للبعث والنشور ليفوز الشكور ويجازي الكفور فذاك ذنبه مغفور وسعيه مشكور وذاك قد صار عمله كالهباء المنثور فهو يدعو بالويل والثبور واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا واشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله ربه بشير ونذيرا  بين يدي عذاب شديد ...أما أما بعد .

أيها الاخوة في الله : اعلموا أن إقامتنا في هذه الدنيا محدودة وأيامنا فيها معدودة فنحن ننتظر الرحيل في هذه الدار صباحا ومساء يقول ابن عمر (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ) رواه البخاري فكم من أهل القبور شرقت عليهم الشمس فما غربت إلا وهم من أهل القبور فماتوا نهارا وكم من أهل القبورر غربت عليهم الشمس فما شرقت عليهم في الصباح إلا وهم من أهل القبور فماتوا ليلا وروحك تخرج من جسدك كل يوم وليلة عند المنام فلا تدري أتعود لك أم لا ؟ فأنت تقول (إذا نمت باسمك اللهم أموت وأحيا) رواه البخاري وهذه الأيام والليالي نقضيها في هذه الحياة هي أعمارنا التي نسأل عنها يوم القيامة كما أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام ( لا تزولا قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه وعن جسده فيم أبلاه وعن علمه فيم عمل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ) رواه مسلم عن أبي برزة الأسلمي  فمن أمضى هذه الأيام في طاعة الله فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ومن أضاع هذه الأيام في معصية الله ندم حينما لا ينفع الندم.

أيها الأخوة في الله : تعالوا  نلقي نظرة على مراحل القيامة العشرة ولكن قبل الحديث عنها اعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم اخبرنا ( أن صلاح أول هذه الأمة بالزهادة واليقين وهلاك آخرها بالبخل والأمل)رواه ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمرو . قال الفضيل جعل الله الشر كله في بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا وجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد فيها  فإذا كان صلاح أول هذه الأمة في الزهد في الدنيا واليقين فيا ترى ما هي حقيقة الزهد الشرعية؟؟. الجواب بكل بساطة هو استصغار الدنيا بجملتها واحتقار جميع شانها فمن كانت الدنيا عنده صغيرة حقيرة هانت عليه ومن هنا قال العلماء إذا امتلأ القلب بحب الجنة صغرت الدنيا في العين ويترتب على هذا أن العبد إذا بلي بمصيبة لا يحزن وإذا فتحت عليه الدنيا لا يفرح بها ، لكن لو كان القلب مليء بحب الدنيا فتصبح المصيبة عليه كارثة كبرى  والأموال لو ضاعت مصيبة عظيمة وتراه يتعب في الدنيا ولا يأتيه منها إلا ما كتب له منها  وقد نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم ام حبيبة لما سا لت الله  ( قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة  وأرزاق مقسومة ) رواه مسلم عن ابن مسعود وإذا عرف هذا فماذا حصل لنا لما أحببنا الدنيا وبسطت علينا أعرض الناس عن طاعة الله وقلت رغبتهم فيما عند الله وأصبح الواحد قنوعا بصلاة ركعتين لا يذكر الله فيها إلا قليلا قال الله تعالى ( وإذ أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا )  فحال الدنيا خطيرة حتى مع طلبة العلم فالعالم إذا ركن للدنيا فأقل العقوبات له نزع حب العبادة منه ومن خفي عقوباتهم سلب حلاوة المناجاة ولذة التعبد ولهذا لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة يتذاكرون الفقر ويتخوفونه فقال ( أفقر تخافون والذي نفسي بيده لتفتحن عليكم الدنيا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إلا هيه ) رواه ابن ماجة عن أبي أمامة . فكيف نفرح بشيء خاف علينا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟  والسبب في ذلك أن النعم يصاحبها الحسد والكبر فالفقير يحسد الغني والغني يتكبر على الناس،فالدنيا تأخذ القلوب بنظرتها والعيون بحلاوتها فماذا بقي للآخرة ففي الحديث الصحيح (أن الدنيا حلوة خضرة وان الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون  فاتقوا الدنيا واتقوا النساء) رواه مسلم عن أبي سعيد . فأمرنا بالحذر من أمرين ، الأمر الأول الدنيا لأنها راس كل خطيئة وسبب كل نقص وأساس كل شر ومنبع كل فساد وحبها يجر للغفلة ومن فرح بالدنيا لا يفرح بالله وبمناجاته لان هم الرجل مع قرة عينة ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  (وجعلت قرة عيني في الصلاة) رواه احمد والنسائي عن انس . فمن قرت عينه بالدنيا لم يفرح بطاعة الله .

والأمر الثاني النساء لأنهن حبائل الشيطان وشراك الفتن قد يسببن قطيعة الرحم أو عقوق الوالدين أو منع فعل الخير أو يكن لاهيات مائلات لضعفاء الإيمان . قال بعض الحكماء شر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن فما طابت الحياة إلا بهن ، وقالوا فتش عن كل جناية تجد للمرأة فيها إصبعا وهذا في العموم  ولا يخلو عصر من نساء فاضلات لهن اليد الطولى في تشييد المحامد  أنجبن صالحين مصلحين لكنهم قلة ثبت في المجمع في معجم الطبراني ( المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم ) قيل وما الأعصم يا رسول قال : الذي إحدى رجليه بيضاء ) ، قال الجوهري يضرب هذا الغراب لكل شيء يعز وجوده وثبت في مسند احمد عن عبد الله بن عمرو قال كنا بمر الظهران أثناء الحج أو العمرة مع رسول الله فإذا نحن بغربان كثيرة فيها غراب اعصم احمر المنقار والرجلين فقال رسول الله ( لا يدخل الجنة من النساء إلا مثل هذا الغراب في الغربان ) قلت ولو نظرنا إلى عدد النساء  الصالحات المصليات المتحجبات بالنسبة لعدد المتبرجات والفاجرات والكافرات لوجدنا أن المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم الذي يعز وجوده ، وعودا على بدء فإذا أراد الله بعبد خيرا نزع منه حب الدنيا وقذف في قلبه حب الآخرة ، يقول الله ( إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار)سورة ص ، وقال سبحانه ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ) ، فإذا امتلأ القلب بحب الآخرة والإقبال عليها صغرت في عينه الدنيا وبعد عنها ، ومع الأسف الشديد أننا نرى ونسمع من يغبط الكفار والفجار إذا فتحت لهم الدنيا وهم يعلمون أن الله أعطاهم للشقاء ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ) التوبة ، لان النعيم نعيم الروح والقلب لا نعيم  البدن ، وسنة الله لا تتغير( ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكى ) طه ، ولكن ليس معنى الزهد في الدنيا الفقر والجوع وأن نترك الدنيا بالكلية، يقول بعض العلماء : أن الإسلام لا يقول  كونوا فقراء و لا يقول كونوا جياعا أو عيشوا في الزوايا المظلمة عاكفين على أنفسكم منطوين عليها بل الإسلام يقول لنا (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ) ، وفي الحديث ( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) رواه مسلم ، وفي الحديث ( اليد العليا خير من اليد السفلى) رواه احمد والبخاري ومسلم عن حكيم بن حزام ، وفي الأثر ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) . فينبغي لنا أن نأكل احسن شيء ونلبس أحسن شيء  ونتفوق في الحياة ، ولكن يكون القلب مليئا بحب الجنة والآخرة ، ولكن الناس مع الأسف الشديد لا يزهدون في الدنيا ولكنهم يزهدون في الآخرة ينسون أن لهذا الكون إلها وبعد الدنيا آخرة فتراهم يركضون مسرعين ولا يدرون لماذا يركضون والى أين المسير لهؤلاء أقول: قفوا قليلا وفكروا أنكم مثل مسافر الصحراء يكد راحلته مسرعا يريد أن يقطع اكبر قدر ممكن ولكنه نسي الغاية . فقفوا قليلا وانظروا هل انتم على الطريق الصحيح أم انتم في ضلال ،  لعلكم تمشون إلى حيث لا ظل ولا عشب ولا ماء إلى الضياع ، وهؤلاء  زهدوا في الآخرة من غير أن يزهدهم أحد . يقول الله ( وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )

 وإذا عرف هذا فتعالوا نشاهد مراحل القيامة العشرة 

عشرة مراحل للمؤمن وثمانية مراحل للكافر

أول مرحلة من مراحل الآخرة الموت :

الموت الذي غاب عن بالنا ، فالموت باب وكل الناس داخلة ، الموت كاس وكل الناس شاربة ، الموت لغز ليس له حل ، الموت حقيقة لا تحل وطلسم لا يفك وليس له حل غير أن يكون عند الواحد منا رصيد من الإيمان والاستعداد له ، فقد امرنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( اكثروا من  ذكر هاذم اللذات يعني الموت ) رواه الترمذي عن أبي سعيد ، وسمي الموت هاذما لان العبد يرى ساعة الموت جميع لذاته تنهد أمام عينيه لذة لذة، عندك الشهوة التي ضيعتك في الدنيا وأنت شاب أو الشهوة التي ضيعتك رغم انك متزوج سوف تراها تنهد أمام عينك ساعة الفراق عندما تلتف الساق بالساق وأيقنت انه الفراق ودنت ساعة الخروج حيث لا مفر ولا مهرب إذ أن الله كتب  الفناء على الجميع فقال الله سبحانه :(كل نفس ذائقة الموت ) ، وكلمة ذائقة لابد أن يذوق كل عضو منك ألم وسكرات الموت ألم تسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ( أن للموت سكرات اللهم اعني على سكرات الموت ) رواه البخاري.

يقول عمر : كل يوم يقال مات فلان مات فلان وسيأتي اليوم الذي يقال مات عمر . يقول الحسن ابن آدم : إنما أنت بضعة أيام إذا ذهب بعضك فقد ذهب كلك فما أسرع الملتقى ) فضح الموت الدنيا فلم يترك لذي لب فرحا والسؤال كيف فضح الموت الدنيا  انظر إلى بطاقتك  الشخصية فيها اسمك واسم أبيك وجدك أين جدك  قد لا تعرفه ولا اثر له حتى قد محي من السجلات  وسيأتي عليك يوم تمحى أنت من السجلات  وقد أشار إلى هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم  فقال ( لا يبقى على وجه الأرض بعد مائة سنة ممن هو عليها اليوم أحد )رواه البخاري ومسلم عن جابر وابن عمر  قبل مائة سنة لم يكن منا أحد موجود وبعد مائة سنة لا يوجد منا أحد وفي الحديث ( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين واقلهم من يجوز ذلك)رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة والقليل لا حكم له

كان أبو الدرداء يخطب فيقول ( لقد كان من قبلكم جمعوا كثيرا وبنوا شديدا وأملوا بعيدا فاصبح جمعهم بورا وبنيانهم قبورا وآمالهم غرورا

يا أيها الناس أن مشكلة الموت صعبة إذ انك تنتقل من عالم تعرفه إلى عالم ما تدري ماذا سيحصل لك فيه

هل أنت متخيل أول لحظة تقف فيها على الموت عندما تنتهي علاقتك بالدنيا أن العبد إذا نزل به الموت فهو كالعامل الذي انتهى من عمله وينتظر الآخرة فان كان احسن في العمل فسيأخذ الأجرة كاملة وقد يزاد عليها وان أساء فليس له شيء وسيطرد وقس عليه الموت هنالك يثبت الله الذين آمنوا ويضل الله الظالمين  أما تثبيت المؤمنين عند الخروج من الدنيا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث البراء (أن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة) رواه احمد ثم ذكر كيف يكون حال المؤمن في الاحتضار.

يبشر بالجنة والمغفرة( أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة إلا تخافوا ولا تحزوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون )

 2- يرى ملائكة الرحمة بيض الوجوه بيض الثياب معهم أكفان من الجنة وحنوط من الجنة ويجلسون منه مد البصر ) حديث البراء الطويل عند احمد.

3- يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها الروح الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان)حديث البراء المشهور عند احمد فإذا سمعت الروح هذه البشارة اشتاقت إلى لقاء الله فتخرج سهلة.

 4- تسل روحه كما تسل القطرة من في السقا وفي رواية كما تخرج الشعرة من العجين) عند الترمذي وهذا كناية عن سهوله خروج روح المؤمن  ثم لا تدعها ملائكة الرحمة في يد ملك الموت طرفة عين .

 5- تخرج منه رائحة كالطيب  نفحة مسك وجدت على وجه الأرض) رواه احمد من حديث البراء الطويل.

 6- يصعد بالروح إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض في جسده ) حديث البراء الطويل عند احمد وهذا كله خاص بالروح الطيبة الطاهرة من المؤمنين المتقين  ولهذا فان المؤمن إذا جاءه الموت بدت معه رحلة الراحة وانتهى العناء   وفي الحديث ( تحفة المؤمن الموت ) رواه الطبراني بسند جيد يقول الحسن عرس المتقين يوم الممات.

أما ذو الروح الخبيثة من الكافرين  والفاجرين وعند ابن ماجة أو رجل السوء ففي الحديث ( وان العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ) حديث البراء الطويل عند احمد فذكر كيف يكون حال النزع بالنسبة لذي الروح الخبيثة من أهل الكفر والإجرام عند الخروج من الدنيا و تخيل لو جاءك ملك الموت وأنت تجمع حراما أو رائحتك دخان أو خمر أو اثر الزنا في وجهك أو في عينيك(فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون )  فكيف يكون حال النزع بالنسبة للفاجر والكافر .

يبشر بالعذاب ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون ) الأنعام.

يرى ملائكة العذاب على مد البصر سود الوجوه سود الثياب معهم أكفان من النار وحنوط من النار ) حديث البراء الطويل عند احمد.

 يجئ ملك الموت فيقعد عند رأسه ثم يقول أيتها الروح الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله  وغضب ) رواه احمد  فإذا سمعت هذه البشارة تفرقت في جسده وهي كناية عن شدة الخوف والفزع وكأنها تريد الهرب.

تنزع روحه نزعا شديدا كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ثم لا تدعها ملائكة العذاب في يد ملك الموت طرف عين ) رواه احمد والمقصود بنزعها كما ينزع الصوف كناية عن شدة النزع  وصعوبة خروج الروح من جسد الكافر والفاجر.

 تخرج منه اخبث رائحة وجدث على ظهر الأرض ).

يصعد بروحه إلى السماء فلا تفتح لها الأبواب فيقول الله اكتبوا كتاب عبدي في سجين في الأرض السفلى).    رواه احمد

فالعبد الكافر والفاجر إذا جاءه الموت بدت معه رحلة العناء وانتهت الراحة. 


المرحلة الثانية القبر

وفي الحديث ( ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه ) رواه الترمذي عن عثمان هنالك تبدأ حياة الجد وتنتهي حياة اللعب ويحصل ما في الصدور ويبدأ السؤال والحساب  فما أن يوضع العبد في القبر حتى يقف أمام ملائكة يعرفون اسمه ونسبه ويعرفون قوله وعمله وما أن يرى الملائكة حتى يصيبه الروع والفزع فيجلسانه وهو مرعوب خائف.

يقول زين العابدين

ومنكـــر ونكير ما أقـــول لهم         وقــد هالني أمــرهم أفـزعني

أجلسوني وجدوا في سؤالهم       مالي سواك الهي من سيثبتني

مواقف الآخرة مواقف صعبة يفزع فيها البر والفاجر ثم بعدها تأتي رحمة الله للمؤمن ولهذا ورد في الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فانه الآن يسأل)رواه أبو داود عن عثمان فهل أنت متخيل وأنت في القبر تسال عن أسئلة القبر الثلاثة  أسئلة سهلة وبسيطة في الظاهر لكن والله ما تستطيع تجيب عليها وترد عليها إلا إذا عشت مع الله لكن إذا كنت مشغولا بالدنيا والمسلسلات والأغاني والملاهي وكانت المرأة مشغولة بالموضة والزينة فسوف يضيعكم الله كما ضيعتموه وينساكم كما نسيتموه فلقد ورد في الحديث أن من الناس من يقال له في القبر من ربك فيقول لا ادري ما دينك فيقول ما ادري ما نبيك فيقول ما أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلت مثل ما يقولون لكنه ما صلى ولا صام فما تنفعه بشيء.

وإذا عرف هذا كله فكيف يكون حال المؤمن في القبر لاشك انه يكون في روضة من رياض الجنة بسبب أعماله الطيبة في حياته.

فكيف يا ترى يكون نعيم القبر على المؤمن ففي حديث (ثم يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان من ربك فيقول ربي الله فيقولان ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان وما يدريك فيقول قرأت كتاب الله وآمنت وصدقت ) فينادي المنادي من السماء أن قد صدق عبدي )رواه احمد عن البراء فما أن ينتهي من الإجابة عن الأسئلة الثلاثة حتى ينادي المنادي من السماء أن صدق عبدي ثم ينقلب عليه القبر روضة من رياض الجنة  ويكون نعيمة في عدة أمور:-  

ينادي المنادي أن افرشوه من الجنة وافتحوا له بابا في الجنة والبسوه من الجنة فيأتيه من روحها  وطيبها ) حديث البراء الطويل.

يفسح له في قبره مد البصر وقيل سبعون ذراعا.

ينور له في قبره ففي الحديث ( ويفسح له سبعون ذراعا ثم ينور له فيه ) رواه الترمذي زاد وينور له كالقمر ليلة البدر).

يرى مقعده في الجنة ( ثم يفتح له باب من الجنة فيقال هذا مقعدك منها وما اعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسرورا وذاك مقعدك من النار لو عصيت الله) رواه الطبراني .

يأتيه عمله الطيب في صورة رجل حسن الثياب حسن الوجه  طيب الرائحة فيقول من أنت فيقول أنا عملك الطيب فيقول يارب أقم الساعة حتى ارجع إلى أهلي ومالي ) ثم يقال له نم نومة العروس لا يوقظه إلا احب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ) رواه الترمذي زاد ابن حبان ( فيزداد غبطة وسرورا فيعاد الجلد إلى ما بدا منه وتجعل روحه في نسم طائر يعلق في أشجار الجنة ) لطيفة  قال الشيخ عبد العزيز ورد في الحديث(نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ) رواه احمد ومعني يعلق أي يأكل وعند مسلم ( أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل )

أما حال الكافر والفاجر أو المنافق في القبر فينقلب عليه حفرة من حفر النار بسبب رداءة أعماله وتقصيره في حقوق الله ففي حديث البراء المشهور ( ثم يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك  فيقول هاه هاه لا أدري قال فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري وفي حديث أسماء عند احمد (سمعت الناس يقولون شيئا فقلته )   فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي ) ثم ينقلب عليه القبر حفرة من حفر النار ويكون عذابه في عدة أمور:

فينادي المنادي أن افرشوه من النار والبسوه من النار وافتحوا له بابا من النار فيأتيه من حرها وسمومها )حديث البراء الطويل.

يضيق عليه في القبر حتى تختلف أضلاعه) رواه الترمذي.

يملأ قبره ظلمة ففي الحديث عند الترمذي ( أنا بيت الظلمة وبيت الوحدة وبيت الدود ) وعند مسلم ( أن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وان الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ).

يسلط عليه ثعابين وعقارب ( وتسلط عليه عقارب وتنانين لو نفخ أحدهم على الدنيا ما أنبتت شيئا تنهشه حتى يفضى به للحساب ) رواه الطبراني في الأوسط وورد عند الترمذي بسند حسن وسلط عليه تسعة وتسعون تنينا وفي رواية سبعة وسبعون وفي رواية تنينين ) قال العلماء وذلك بحسب الإجرام.

يرى مقعده من النار  ومقعده في الجنة لو أطاع الله فيزداد حسرة.

يأتيه عمله في صورة رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول من أنت فوجهك لا يأتي بخير فيقول أنا عملك الخبيث فيقول يارب لا تقم الساعة.  

المرحلة الثالثة:  استقرار الارواح في البرزخ:

 ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) والبرزخ هو الفاصل بين الدنيا والآخرة أو ما بين الموت إلى البعث وأهله يشرفون منه على الدنيا والآخرة  وأطلق على البرزخ بعذاب القبر أو نعيمه  باعتبار غالب أحوال الخلق فاذا جاء البعث جمع الله اجساد الناس من بطون السباع والحيوانات وبطن الارض ومن ذرته الرياح لكن لابد من عذاب القبر أو نعيمه في البرزخ سواء دفن أو احترق أو اكلته السباع اخرج البخاري عن ابي سعيد مرفوعا ( أن رجلا قال لبنيه لما حضرته الوفاة أي بني لم أدخر عند الله خيرا فاذا أنا مت فاحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني فاذا كان في يوم ريح عاصف فاذروني فيها فأخذ مواثيقهم فذري بعضه في البحر وبعضه في البر عله ينجو من ذلك فأمر الله البحر فقال اجمع ما فيك وأمر البر فجمع ما فيه ثم قال قم فإذا هو قائم بين يدي الله فسأله ما حملك على ما فعلت قال خشيتك يارب وأنت أعلم أو فرق منك فما تلافاه ان رحمه )

فعناصر العالم كلها منقادة لله لايستعصي عليه منها شيء وعليه فمن مات فقد دخل البرزخ من وقت الموت الى البعث. 

وفي هذه المرحلة تفنى الاجساد كلها ما عدا عجب الذنب ففي الحديث ( كل ابن ادم ياكله التراب الا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب يوم القيامة )رواه مسلم ما عدا الانبياء والشهداء ومن شاء الله من عباده الصالحين وفي الترمذي في قصة اصحاب الاخدود ( ان الغلام الذي قتله الملك دفن  فيذكر انه في زمن عمر اخرج فاذا اصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل  وجرحه يثعب دما.

ورغم طول حياة البرزخ فانها تكون على المؤمن كما بين صلاة الظهر والعصر ففي الحديث ( نم نومة العروس الذي لايوقظه الا احب اهله اليه حتى يبعثه الله من مضجعه) الترمذي واما الكافر والفاجر فاذا قال هاه هاه لاادري يضرب بمطارق من حديد حتى تختلف اضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ) الترمذي.     

المرحلة الرابعة:  الفناء الكامل الشامل لهذا الكون:

وذلك إذا أراد الله ان يدمر هذا الكون  (ارسل ريحا من قبل الشام وفي رواية من قبل اليمن الين من الحرير فلا تدع احد في قلبه مثقال ذرة من ايمان الا قبضته ) رواه مسلم فيبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر عليهم تقوم الساعة.

ثم ينفخ في الصور فلايسمعه احد الا اصغى ليتا ورفع ليتا  فاول من يسمعه رجل يلوط حوض ابله فيصعق ويصعق الناس )رواه مسلم ( ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله) الزمر.

والصور عبارة عن قرن ينفخ فيه كهيئة البوق كل دارة منه كما بين السماء والارض وفيه ثقوب بعدد ارواح العباد وكل به اسرافيل فهو شاخص ببصره نحو العرش ينتظر متى يؤمر بالنفخ ) ذكره ابن كثير في البداية.

قال ابن كثير في البداية ( ويامر الله اسرافيل بنفخة الصعق فينفخ نفخة الصعق فيصعق اهل السموات واهل الارض الا من شاء الله فاذا هم قد خمدوا جاء ملك الموت الجبار  عزوجل فيقول يارب قد مات اهل السموات والارض الا من شئت فيقول الله وهو اعلم من بقي فيقول بقيت انت الحي الذي لايموت وبقيت حملة العرش وبقي جبريل وميكائيل واسرافيل فيقول ليمت جبريل وميكائيل واسرافيل فيموتون وياخذ العرش الصور من اسرافيل ثم ياتي ملك الموت الجبار فيقول قد مات جبريل وميكائيل واسرافيل فيقول الله من بقي فيقول بقيت انت الحي الذي لايموت وبقيت انا وحملة العرش فيقول الله ليمت حملة العرش ثم يقول الله من بقي فيقول بقيت انت الحي الذي لايموت وبقيت انا فيقول الله انت خلق من خلقي خلقتك لما اردت فمت فيموت فاذا لم يبق الا الله الواحد القهار كان آخرا كما كان أولا) رواه الطبراني والبيهقي وغيره .

فاذا لم يبق أحد إلا الله قبض الله الارض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين الملوك أين الجبارون أين المتكبرون) رواه مسلم عن ابن عمر زاد حتى نظرت الى المنبر يتحرك من اسفل حتى اقول اساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بعض الروايات ( اين الملوك اين ابناء الملوك  اين الجبابرة اين من اكل رزقي وعبد غيري ) رواه السمرقندي

هذه الاحاديث تدل على ان الله يفني جميع خلقه ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ).

المرحله الخامسة اعادة الخلق بعد الفناء 

وهي نفخة البعث ( ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون )  (فإنما هي زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة ) نفخة واحدة  والكل واقف أما كيف يكون البعث والنشور ففي الحديث(ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل من تحت العرش  وفي رواية كمني الرجال اربعين يوما حتى يكون الماء اثنى عشر ذراعا ثم يامر الله الاجساد فتنبت نبات البقل حتى اذا تكاملت اجسادهم امر الله اسرافيل بنفخة البعث فاذا نفخ تخرج الارواح كانها النحل من الصور تتوهج قد ملأت السموات والارض فيقول الله وعزتي وجلالي لترجعن كل روح الى البدن الذي كانت تعمرة في الدنيا فتدخل على الاجساد في قبورها فتدب فيها كمايدب السم في اللديغ فتحي الاجساد وتنشق عنهم الاجداث فيخرجون سراعا الى مقام الحشر ) انظر البداية ج1  يقول الله  ( ذلك حشر علينا يسير) سورة ق

المرحلة السادسة الخروج من القبور للبعث والنشور

 وذلك يوم الحضور ليفوز الشكور ويجازى الكفور فذاك ذنبه مغفور وسعيه مشكور والاخر قد صار عمله كالهباء المنثور ويدعو بالويل والثبور

وفي الحديث يحشر الناس يوم القيامة على ارض بيضاء عفراء كقرصة النقي ) رواه مسلم أي خالصة البياض زاد البيهقي ( تبدل الارض ارضا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة قط ) ولايكون لابن ادم الا موضع قدميه وهذه الارض ليس فيها معلم لاحد فلا زرع ولا جبل

يقول الله ( فانما هي زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة) نفخة واحدة والكل واقف يقول الله ( وبرزوا لله جميعا ) وفي حديث ابي رزين العقيلي ( قال يارسول الله فما يفعل بنا ربنا اذا لقيناه قال( تعرضون عليه بادية صفحاتكم لايخفى عليه منكم خافية)

فالحشر شديد والامر صعب والعرق شديد والجمع كبير والانفاس متقطعة والشمس قريبة وسوف ترى تغيرات كونية واضطرابات نفسية فسوف يرى الانسان من تغير الكون ما لاعهد له به يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة ) أي خائفة حيث يرى الارض ترتج وتزلزل فيقول مالها ويرى السماء تمور مورا ويرى الجبال تسيرا سيرا  ويصاب الكون بخلخلة عنيفة فتنحل روابطه وتتناثر الكواكب هنالك يرى الناس المخلوقات العظيمة تنهد وتنهار فكيف يكون حال المخلوق الضعيف في وسط الخوف والفزع والقلق بعد ان كان يزعم انه سيد الكزن ويتطاول على خالقه فعندما يشاهد هذه الاهوال يفقد صوابه ويصبح كالفراش المبثوث في حمقه وقلة عثله  وترى الناس سكارى وما هم بسكارى هنالك يتسال الانسان اين المفر وبهذا يتبين عجزالخلائق وضعفهم وكمال سلطان الواحد القهار وفي هذا اليوم  سوف تاتي الملائكة التي لاتعصى الله لاتتكلم من هيبة الله ( يوم يقوم الروح وملائكة صفا لايتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا ذلك اليوم الحق )

وفي هذا اليوم تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد فتعالوا نشاهد الحشر لحظة لحظة وكيف يكون حال الفاجر والبر والكافر والمؤمن ياترى كيف يكون حالنا وانا اذكر لك هذا حتى تتحرك الخشية في قلبك انا لااريد ان اخوفك فقط بل سوف اذكر لك رحمة الله بالمؤمنين يوم القيامة حتى تسلك طريق المؤمنين وتكون من الآمنين يوم القيامة

فاذا نفخ في الصور نفخة البعث فلا تدع على ظهر الارض من مصرع قتيل او مدفن  ميت الا شقت القبر عنه حتى يستوي جالسا ) رواه احمد وينقسم الناس الى صنفين صنف يقول من بعثنا من مرقدنا وصنف يقول هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ) ويخرجون حفاة عراة غرلا خائفين ( خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة ) وهذا ينبيء انهم يخرجون من القبور في كرب شديد تخيل وانت تحت الارض الآف السنين ثم تخرج حافيا عاريا وتنفض التراب عن راسك  وشعارالكل نفسي نفسي

تذكر يوم ماتت امك او اعز عزيز عليك كيف كان حزنك ثم قدر الله لك ان تقابلهم بعد آلآف السنين كيف يكون شوقك اليهم يقول الله ( يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذ شان يغنيه ) وهذا فرار التبري نجانا الله من اهوال ذلك اليوم وهذا هو مشهد فرار الانسان من اقرب الناس اليه بسبب ضياع الحقوق هنالك لا مال ولاولد ينفع ولا صديق يشفع  ولا فرح واقع ولا رجاء طامع ولا حسنة تزاد ولا سيئة تحذف ولا حياة تعاد .

كيف يحشرالناس الى ارض المحشر يحشرون افواجا منهم من يكون مثل الذر يطؤهم الناس باقدامهم قالوا من هم يارسول الله قال (هؤلاء المتكبرون في الدنيا )رواه البزار لان كبرياء الدنيا وغطرستها تحت الاقدام يوم القيامة.

ومنهم  من يحشر وجسده يشتعل نار وهؤلاء المجرمون ( سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار) وصنف يحشرون كالمجانين وهم اكلة الربا وصنف يحشر مشلولا وهم الذين لا يعدلون بين زوجاتهم( يحشر وشقة ساقط ) رواه احمد  وصنف يحشر ينبح كالكلب وهي النائحة وصنف يحشر ومكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ( وهو من اعان على قتل مؤمن بشطر كلمة) رواه ابن ماجة وصنف اعمى وصنف يحشر على وجهه اصم ابكم اعمى  وصنف يحشر ونورهم يسعى بين ايديهم وبايمانهم وصنف يحشر وفدا وصنف يحشر على نوق رحلها ذهب وصنف يمشي وصنف يسحب على وجهه.

ياترى كم نقف في العرصات مئة سنة او خمسمائة سنة؟ لا انه يوم واحد مقدارة خمسون الف سنة ففي الحديث ( كيف بكم اذا جمعكم الله في يوم كان مقداره خمسين الف سنة لاتأكلون أكلة ولا تشربون شربة حفاة عراه غرلا) تكاد الاعناق تنقطع من الظما  والاقدام لاتكاد تحملك  انه يوم لاجلوس فيه ولاراحة.

يقول ابن مسعود يحشر الناس يوم القيامة اجوع ما كانوا قط واظما ما كانوا قط واعرى ما كانوا قط وانصب ما كانوا قط ).

وتصورموقفهم حفاة عراه خائفين مع جوع وظمأ وتعب ونصب انه اليوم الذي ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم الأبكى وقال والله لوتعلمون ماأعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا)  وفي هذا الجو الرهيب ستأتي جهنم يقودها اكثر من أربعة مليارات من الملائكة العظام وانها اذا انفلتت من ايديهم لم يقدروا على امساكها لعظم شأنها فتجر بازمتها ومجيئها ليس للعذاب بل للعرض (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها ) رواه مسلم تأتي يوم القيامة وبعضها يأكل بعضا (ترمي بشرر كالقصر ) 0قال ابن مسعود أما أنها لاترمي مثل الجبال بل مثل المدائن والحصون لان أهل النار الرجل ضرسه مثل جبل أحد فاذا رأت الناس من مسيرة مئة سنة فارت وشهقت الى الخلائق( اذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ) فتزفر وتكاد تتقطع من الغيظ فلا يبقى نبي ولا صديق الا برك على ركبتيه وعند عبد الرزاق فلا يبقى ملك ولا نبي الا خر ترعد فرائصه ( وترى كل أمة جاثية ) وشعار الكل نفسي نفسي ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمتي أمتي ) ويخرج من النار عنق يتكلم بلسان فصيح وعينان يبصران بهما يقول وكلت بثلاثة (بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله الها اخر وبالمصورين)رواه الترمذي وصححه فحذاري من التصوير الا لمضطر فيلتقط هذا العنق هؤلاء الثلاثة من بين أهل الموقف كما تلتقط الدجاجة الحبة فيقذفهم في غمرات النار (وترى الظالمين لما رأو العذاب يقولون هل الى مرد من سبيل وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي ) لكن كيف يكون حال المؤمن ( ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون  لايسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت انفسهم خالدون لايحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ).

ومع هذا كله ستدنوا الشمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة ويخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة ويزاد في حر الشمس عشر سنين ويكون الناس في قلق وعرق وأرق واختلفت الاقدام من كثرة الزحام وانقطعت الاعناق من العطش وكل على قدر عمله ففي الحديث ( تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل فيكون الناس على قدر اعمالهم في العرق فمنهم من يكون الى كعبيه ومنهم من يكون الى ركبتيه ومنهم من يكون الى حقويه ومنهم من يلجمه العرق الجاما) قال واشار رسول الله الى فيه رواه مسلم .

فيخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة فالخلق ملجمون في العرق فأما المؤمن فهو عليه كالزحمة وأما الكافر فيتغشاه الموت وما معك هنالك إلا ظل الله يوم لا ظل إلاظله فالناس بين مستظل بظل العرش وبين من قد صهرته الشمس.

 ولكن أمامك سبع فرص

إمام عادل طيب ذهبت عليك هذه الفرصه تأتيك فرصة اخرى.

شاب نشأ في عبادة الله وهذه فرصة لكل شاب وبعض المرضى يقول أنا أكره أهل الدين تدري لماذا لانك منافق  ألم تسمع لقوله صلى الله عليه وسلم (أوثق عرى الايمان الحب في الله) رواه البخاري.

ورجل قلبه معلق بالمساجد لكن انظر قال قلبه ولم يقل بدنه.

رجلان تحابافي الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه فابحث عن أهل الدين وامش معهم حتى تفوز بشفاعتهم يوم القيامة.

رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله لكن المصيبة فيمن يجري وراء المعصية فضلا عن التورع عنها.

ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ففي الحديث ( كل عين باكية يوم القيامة إلاثلاث عين غضت عن محارم الله وعين سهرت في سبيل الله وعين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله عزوجل  ) رواه الاصبهاني عن أبي هريرة انظر الترغيب للمنذري

الله لو ذهبت هذه الخصلة وأنت لم تجد فرصة من هذه السبع الخصال( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ما تنفق يمينه ) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وهذه الخصلة السابعة  ممكن تبحث عن مسكين وتتصدق عليه ثم تهرب ما يراك احد ومن تأمل  أهل هذه الخصال السبع يجد أنه اجتمع فيهم خصلتين الاخلاص ومخالفة الهوى.

وهناك فرص غيرالسبع كالتنفيس عن معسروكافل اليتيم والتاجر الصدوق وغيره .

ويوم القيامة يوم عسير يقول الله فذلك يومئذ يوم عسير ما أحد يساعدك ولو كان أقرب قريب ولا يساعدك إلا عملك وإذا اشتد الكرب والغم يوم القيامة يأتي الناس الأنبياء  ويقولون من يشفع لنا عند ربنا  فيطلبون تعجيل الحساب ويراحوا من هول الموقف ولو أدى ذلك إلى دخولهم النار وكل نبي يقول من آدم إلى نوح إلى إبراهيم إلى موسى إلى عيسى عليهم السلام ( لست لها أن الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله حتى ينتهي الأمر إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها) رواه البخاري ومسلم يقول الشيخ حافظ

فما احد نالها حتى                        يقول المصطفى أنا لها

فيسجد تحت العرش فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم فاحمد الله بمحامد لم يحمده بها احد قبلي لا أحسنها الآن فيشفع الشفاعة العامة في أن يحاسب الله العباد  ورغم طول هذا اليوم وصعوبته فتعالوا نرى كيف يكون حال المؤمن يوم القيامة  قال الصحابة يا رسول الله يوم مقداره خمسون ألف سنة ما أطوله فقال ( والذي نفسي بيده انه ليخفف على كل مؤمن ومؤمنة حتى يكون أهون عليه من الصلاة المكتوبة يصليها في الدنيا ) رواه احمد والبيهقي بسند حسن فطول يوم القيامة يكون على الكافر ويخفف على المؤمن. 

بقي أمر نحب أن ننبه عليه أن العباد يكتسون قبل الحساب لأنهم عراة فأول من يكسى من العباد إبراهيم عليه السلام ثم يكسى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حلة حبرة عن يمين العرش وان بدء إبراهيم عليه السلام وثني بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد أتى حلة لا يقوم لها البشر لينجبر التأخير بنفسة الكسوة قاله الحليمي ثم يكسى المؤذنون المحتسبون ثم صالحو المؤمنين وصاحب القرآن(يجيءصاحب القران يوم القيامة فيقول القرآن يارب حلة فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يارب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول يارب ارض عنه فيرضى عنه فيقال له أرق وأرق وتزاد بكل آية حسنة ) رواه الترمذي وحسنه اما من علم ابنه القرآن  (فيلبس والده يوم القيامة تاجا ضوؤه أحسن من ضوءالشمس ) رواه ابو داود وهذه فرصة للأباء في ان يحرصوا على تعليم أبنائهم القراآن في حلقات التحفيظ التي تشكوا من قلة الطلبة وكذلك الشهداء ومن ترك اللباس تواضعاومن عزى مصابا ( ما من مؤمن يعزي مصابا بمصيبة إلاكساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة) رواه ابن ماجةثم بقيةالعباد كل حسب ايمانه.

ويا ترى كيف يكون حال النساء الكاسيات العاريات وفي حديث الرؤيا ( ثم عرض علي الناس وعليهم قمص منهم من يصل إلى ثدييه ومنهم من إلى سرته ورأيت عمر يجر قميصه ) رواه البخاري قالوا فما أولته قال الدين ولباس التقوى ذلك خير.

المرحلة السابعة الحساب 

ونؤمن بالحساب والسائل فيه من لا تخفى عليه خافية وأحصى الكلام والنجوى والمسئول عبد حقير معه ذنوب وتقصير يوم يأتي فريد حتى يقام بين يدي الله اله الأولين والآخرين ويسال العبد عن كل حركة وكل سكنة وإذا عرفت هذا فإليك  قواعد الحساب الست حتى تعرف كيف يحاسب العباد يوم القيامة وتعرف حقوقك قبل أن تحاسب

لا ظلم اليوم فهو يوم القصاص يوم يقتص الله من الظالم للمظلوم  لأنه ممكن في الدنيا أن يظلم الناس بعضهم بعضا لكن يوم القيامة لا ظلم فيه( فمن يعمل مثقال ذرة خبرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) فالظلم ظلمات يوم القيامة وقد وصف الله حال الظالمين عند الموت ويوم القيامة وبين يديه في القران وهو يوم تسال فيه عن كل إنسان عاملته يقول أبو مسعود البدري بينا أنا اضرب مملوكا لي إذ رجل ينادي من خلفي اعلم يا أبا مسعود  اعلم يا أبا مسعود فالتفت فإذا رسول الله صلى عليه وسلم يقول ( والله لله اقدر عليك منك على هذا ) قال فحلفت لا اضرب مملوكا لي أبدا) رواه احمد  وفي بعض الروايات  (احلم أبا مسعود )وفي الحديث ( يا رسول الله أن لي اعبد يشتمونني ويؤذونني فاضربهم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( أن كان ضربك لهم اكثر من شتمهم فسيأخذون من حسناتك وان كان شتمهم لك اكثر من ضربهم فستأخذ من حسناتهم ) رواه احمد

لا أحد يؤخذ بذنب أحد ( ولا تزروا وازرة وزر أخرى ) لكن هذه الآية لها استثناء من أضل أحد في الدنيا أو تسبب في غوايته حمل وزره من غير أن ينقص من أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) فمثلا لو خرجت امرأة متبرجة إلى الساحل أو السوق فكل من قلدها أو فتن بها ستلقى الله بوزره وإثمه وأي شخص يعلم أصحابه الدخان أو المعاصي سيحمل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شي هل هناك أحد يريد أن يكون منهم فمن ابتلي فليستتر بستر الله ولا يجاهر بالمعاصي

الحساب كتابة (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا أقرا كتابك كفى بنفسك عليك حسيبا )  وفي الحديث ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة فقلت يا رسول الله واسوءتاه ينظر بعضنا إلى بعض  قال شغل الناس قلت ما شغلهم قال نشر الصحائف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل ) رواه الطبراني بسند صحيح فما تستطيع أن تنكر شيئا وكله لقطع حجة معتذر أو منكرو إظهار عدل الله سبحانه وتعالى

أن الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بواحدة بل قد تضاعف الحسنات إلى سبعمائة وقد تضاعف أضعافا كثيرة والسيئة واحدة

تبدل السيئات إلى حسنات لمن تاب وآمن وعمل صالحا ففي الحديث ( إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه فيعرض عليه صغارها ويخبأ عنه كبارها فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وهو مقر ليس ينكرها وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فان لك مكان كل سيئة حسنة فيقول أن لي ذنوبا لا أراها هاهنا)  فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ) رواه مسلم عن أبي الدرداء

 الشهود وهم الأرض التي أقلت والسماء التي أظلت والأذن التي سمعت والعين التي نظرت والألسنة التي نطقت وهم كما يلي

الملائكة (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) حتى الغمزة والتفاتة السخرية وحتى نظرة العين يجد العبد مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل

شهادة النبي صلى الله عليه سلم وأمته ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا )وقف رسول الله في حجة الوداع واشهد الله من فوق السبع الطباق انه أدى الأمانة فقال ( يا أيها الناس أنكم موقوفون ومسؤولون عني فماذا انتم قائلون فقالوا نشهد انك بلغت وأديت ونصحت فرفع إصبعه إلى السماء وقال اللهم اشهد اللهم اشهد) ألم يبلغك الرسول صلى الله عليه وسلم  بصلاة الفجر ألم يبلغك بغض البصر ألم يبلغ  النساء بصفة نساء أهل النار الكاسيات العاريات فقال ( صنفان من أهل النار لم أرهما وذكر النساء الكاسيات العاريات) رواه مسلم

شهادة الأرض والأيام والليالي بما عمل فيها وعليها فان سجد لله  شهدت له بالسجود وان عصى الله شهدت عليه بالمعصية فمثلا لو خرج رجل للعمرة شهدت له كل ارض يمر عليها  فكان الصحابة يسجدون في أماكن كثيرة  حتى تشهد لهم  فقللوا من الأماكن التي تشهد عليكم وإياكم وسفر المعصية

شهادة الجوارح ( لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي انطق كل شيء )

وإذا تأملت هذه الشهود وتعددها هنالك تبدأ الحقائق ويخرس كل ناقص وينكشف كل مستور ويظهر كل مجهول وتقف كل نفس أمام ما أحضرت  بعدها يبدأ الحساب فلان ابن فلان ليقوم للعرض على الله فتنخلع القلوب له فتاتي الملائكة لتأخذك بل تصور حال من يؤخذ بناصيته وتصور حالك هنالك كم من فاحشة نسيتها فتذكر وكم من ساعة ضيعتها على منكر وكم من ليلة قضيتها في ملهى وكم من فلوس أنفقتها في المعاصي وكم من صلاة ضيعتها وكم من امرأة أفسدتها وكم من حقوق للعباد نسيتها أو تناسيتها وكم من أسرار تسمعتها بغير إذن أهلها( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) وفي الحديث ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه  يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان فينظر عن أيمن منه  فلا يرى إلا ما قدم  ثم ينظر أشأم منه   فلا يرى إلا ما قدم  فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) رواه البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم فيا ليت شعري بأي قدم يقف العبد بين يدي الله وبأي لسان يجيب وبأي قلب يعقل ما يقول وبأي وجه تلقاه وبأي عذر تعتذر اللهم ارحم ذل مقامنا بين يديك وعظيم تقصيرنا يارب فمن الناس من يقدم على الله قدوم الغائب المسافر على أهله ومن الناس من يقدم على الله قدوم السجين الهارب وقد قبض عليه يقول على إني لأعرف أقوام تسقط وجوههم خجلا يوم تعرض مصائبهم على الله ) فهناك مواقف تسال عن حقوق الله ومواقف تسال عن النعم ومواقف تسال عن المظالم

فأما حق الله  فهو دينه واعظم شيء بعثت به الرسل توحيد الله  فيؤتى بالرسل ويقيمهم الله أمام الخلائق  فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا فلا يستطيع الأنبياء أن يتكلموا من هيبة الله

أما ديوان النعم فيذكر الله لك النعمة ثم يسألك ماذا صنعت تجاه هذه النعمة ثم يسألك هل قصدت به وجهه وهذا من اصعب ما يكون يقول قتادة أن الله سائل كل ذي نعمة فيما انعم عليه  واضرب لك  مثالا حديث أول من تسعر بهم النار المقاتل والقارئ والمتصدق الذين يراؤون بأعمالهم أولئك أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة يا أبا هريرة ) فيسأله الله ويعرفه نعمته عليه يقول له ماذا عملت فيقول قاتلت فيك قال له كذبت من اجل يقال عنك جري وكذلك القارئ  والكريم  رواه مسلم  وحديث( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له ( ألم أصح لك جسمك وأرويك من الماء البارد) رواه الترمذي   ولله المثل الأعلى فلو أن شخص صنع معك معروف ثم أخطأت عليه لقال لك ألم أصنع معك كذا فعندها يخجل العبد لكن لو لم يصنع معك معروف لهان عليك فكيف ولله المثل الأعلى ما من نفس تتنفسه إلا ولله عليك فيه  نعمة

ثم بعد ديوان النعم يتبعه سؤال الخير والشر ثم يسأل عن حقوق العباد وعن كل إنسان عامله فيسال عن أبنائه وزوجته  وعن الجيران والناس) يقول الله( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) قال الزبير رضي الله عنه يا رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نعم ليكررن عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه قال الزبير فوالله إن الأمر لشديد )رواه الحاكم وصححه والبيهقي وعند احمد بسند حسن( ليختصمن كل شيء يوم القيامة حتى الشاتان فيما انتطحتا ) فأول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته )رواه ابن آبي الدنيا  وعند احمد بسند جيد ( أول خصمين يوم القيامة جاران )

وعلى كل فأنواع الحساب ثلاثة

من يدخل الجنة بغير سابقة حساب ولا عذاب وهم من حقق التوحيد  فمن حققه ضمن الله له الجنة لكن بشرط عدم خلط هذا التوحيد بشرك فمن خلط ضاع عليه الضمان ففي الحديث ( ابن ادم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذي فمن لقي الله بتوحيد خالص سالم من الشوائب  دخل الجنة بغير حساب

من يحاسب حسابا يسيرا وهؤلاء أصحاب اليمين

ومن الناس من يشدد عليه الحساب ومن نوقش الحساب هلك فإذا أراد الله  أن يشدد عليك الحساب يقول لك مثلا وضوء الصلاة لماذا أسرفت فيه هل هو حلال أم حرام هل تحريت مواضع الوضوء أم لا ولو سئل عن وجهه وعن حدوده وأصابعه فقد يكون قصر وفي الحديث (ويل للأعقاب من النار) وهل صلى في الوقت أم لا وكله هين على الله قد يقول قائل متى يأتيني  الدور يقول الله ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحد ) لقمان وقال سبحانه ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) الحديد.

 

المرحلة الثامنة الميزان

( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) وفي الحديث ( يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السماوات والأرض لو سعت فتقول الملائكة يارب لمن يزن هذا  فيقول الله لمن شئت من خلقي فتقول الملائكة سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ) رواه الحاكم عن سلمان رضي الله عنه وقالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله هل يذكر الحبيب حبيبة يوم القيامة فقال أما عند ثلاث فلا يذكر أحد أحدا عند الميزان حتى يميل أو يخف فلا وعند تطاير الكتب حتى يعطى كتابه بيمينه أو شماله فلا  وعند الصراط حتى يعلم أينجو أم لا فلا) رواه الحاكم والآجري

أما الحكمة من وجود الموازين مع علم الله بما سيئول إليه حال المكلفين امتحان الخلق بالإيمان بذلك هل يؤمنون به أم لا الإعلام بان الله لا يظلم أحد وإقامة الحجة عليهم و تعريف العباد والتنويه بإظهار أعمال السعداء وان كانت راجحة لإظهار شرفهم على رؤوس الإشهاد والتنويه بسعادتهم ونجاتهم وأما الكفار فتوزن أعمالهم وان لم تكن لهم حسنات تنفعهم لإظهار شقائهم وفضيحتهم على رؤوس الخلائق

فمن ثقلت حسناته على سيئاته ولو بزوانة دخل الجنة ومن كانت سيئاته اثقل ولو بزوانة دخل النار إلا أن يغفر الله ومن استوت حسناته وسيئاته فهو من أهل الأعراف.

 بقي أمر نحب أن ننوه عليه ما الذي يوزن في الميزان يوم القيامة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يوزن يوم القيامة ثلاثة أمور  يوزن العامل والعمل والصحائف

أما وزن العامل ففي الحديث (أن ابن مسعود كان دقيق الساقين فجعلت الريح تلقيه فضحك القوم منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مما تضحكون قالوا يا نبي الله من دقة ساقيه قال ( والذي نفسي بيده لهما اثقل في الميزان من احد )رواه احمد بسند قوي وعند البخاري ( انه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة )

أما وزن العمل ففي الحديث ( والحمد لله تملأ الميزان) رواه مسلم قال ابن كثير في النهاية دلالة على أن العمل نفسه يوزن وعند ابن أبي الدنيا ( اثقل شي في الميزان حسن الخلق )

أما وزن الصحائف كما في حديث البطاقة( يصاح برجل  من أمتي على رؤوس الخلائق فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مد البصر ثم يقول الله له أتنكر من هذا شيئا ؟ اظلمتك كتبتي الحافظون؟ فيقول لا يارب فيقول الملك ألك عذر أو حسنة فيبهت الرجل فيقول لا يارب فيقول بلى أن لك حسنة واحدة لا ظلم عليك اليوم فيخرج بطاقة وفي رواية بطاقة مثل الأنملة فيها اشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله فيقول اخبروه فيقول يارب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول انك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة قال فتطيش السجلات وتثقل البطاقة ولا يثقل شيء مع اسم الله) رواه احمد بسند صحيح والحاكم عن ابن عمرو

فبعد الميزان يناد المنادي من كان يعبد شيئا فليتبعه فمن كان يعبد الشمس فمع الشمس والى النار ومن كان يعبد القمر فمع القمر والى النار ومن كان يعبد الطواغيت فمع الطواغيت والى النار ومن كان يعبد الصليب فمع الصليب والى النار وأصحاب كل آلهة فمع آلهتهم حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من براو فاجر( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ) وخلاصة الأمر انه يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدون فيمثل لصاحب الصليب صليبه وصاحب التصاوير تصاويره وصاحب النار ناره والى النار أما من كان يعبد عيسى والعزير فيقول الله (أن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك  عنها مبعدون )

كيف يساق أهل النار إلى النار وأهل الجنة إلى الجنة

أما كيف يساق أهل النار إليها فيساقون رجالا ونساء سوق الدواب وقطعان الغنم كما يساق المجرم زجر وضرب ولهم بكاء وصراخ وغمرات وحسرات  ولا يدرون إلى أي جهة يتوجهون بهم وهذا اصعب ما يكون على الإنسان أن يقاد إلى جهة لا يعلمها( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ) فيساقون زمرا يلعن بعضهم بعضا ويتأذى بعضهم ببعض وذلك ابلغ في الخزي والفضيحة من أن يساقوا واحدا واحدا فاذا قربوا منها فتحت ابوابها  فتلفح وجههم النار على بعد مئة سنة فكيف اذا وقفوا على ابوابها وفتحت تلك الابواب فيستقبلهم اللهب من شدة الحرارة هنالك لايتقدمون مع الضرب الشديد فتدفعهم الملاءكة دفع شديد ( يوم يدعون الى نار جهنم دعا ) فيخرون مكبكبين على وجوههم يقول الله 0( فكبت وجوههم في النار ) فيهوى سبعين خريفا قبل ان يصل الى قعرها فاذا وقعوا في النار زاد لهبها واشتعالها لانها حطبها  فاذا تكاملوا في تلك الدركات اغلقت تلك الابواب السبعة

ولك ان تتصور حال اهل الموقف بعد ان  وقفوا في ارض المحشر خمسين الف سنة بلا طعام ولا شراب يقول الله (يوم نسوق المجرمين الى جهنم وردا ) من العجائب وقفت على اناس يرقصون فعرضت عليهم هذه الاية وقلت لهم ما معنى وردا فقال احدهم وردا (ورد) فقلت لا معنى وردا أي عطاشا يساقونالى النار على اشد عطش فاذا دخلوا النار طلبوا ماء يشربون وفي هذا يقول الله ( وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ) يعني ماء غليظ اسود حار منتن  اذا اراد ان يشربه وقرّبه من وجهه شواه حتى تسقط فروة وجهه فيه) فيدفعه ولا يريد ان يشربه فتضربه الملائكة بمقامع من حديد على راسه ويصب من فوق رؤسهم الحميم لان هنالك ملائكة غلاظ شداد غلاظ أي ليس في قلوبهم رحمة يتولون تعذيبهم  وشداد أي اعطاهم الله قوة فهم في منتهى القوة ولا يعصون الله فيجبرونه على شرب الماء ( وسقوا ماء حميما فقطع امعائهم

أما أول من يكسى حلة من النار فهو إبليس والعري خير لهم ففي الحديث (أن أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلف وذريته من بعده وهو ينادي يا ثبوراه ويقولون يا ثبورهم حتى يقفوا على النار فيقال لهم ( لا تدعو اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا )رواه احمد والبيهقي بسند صحيح عن أنس

ما أبوابها فهي سبعة أبواب ( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ) الحجر وهذه الأبواب بعضها فوق بعض كما ثبت عن علي رضى الله عنه وهي ( جهنم والسعير ولظى والحطمة وسقر والجحيم والهاوية وهي أسفلها) قاله ابن عباس عند ابن أبي حاتم ولم يثبت إلا إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وما عداه لم يثبت

يقول ابن الجوزي في بستان الواعظين

النار منازل أهل الكـــــــفر كلهم                طبقاتها سبع مســـــودة الحفر

جهنم ولظى من بعدها الحطمة                 ثم السعير وكل هول في سقر

من بعد ذاك جـــحيم ثم الهاوية                تهوي بهم أبدا في حر مستعر

سوداء مظلمة غبراء موحـــشة                نزاعة للشوى لواحة للبشــــــــــر

فيها العقارب والحيات قد جمعت              جلودها كالبغال الدهم والحمر

لها إذا ما غــــــــلت فهو يقلبهم                 فهم ما بين مرتفع فيها ومنحدر

أما صفة أبوابها فحديد وهي مغلقة ( إنها عليهم مؤصدة) ولهذا قال الله سبحانه ( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ) وهذا يدل على إنها مغلقة لأنها سجن ودار عقوبة فأبوابها افظع شيء واشد حرا واعظم غما

أما سعة أبوابها فما بين البابين سبعون عاما ففي الحديث ( إن للنار سبعة أبواب ما منهن بابان إلا ويسير الراكب بينهما سبعين عاما )رواه الطبراني والحاكم عن أبي رزين العقيلي زاد وهب بن منبه  (كل باب اشد حرا من الذي فوقه )

غلظ جدارها أربعة جدر كثافة كل جدار أربعون سنة ) رواه الترمذي

أما أول من تسعر به  النار من عصاه الموحدين ثلاثة ( أمير مسلط وذو ثروة من مال يمنع حق الله في ماله  وفقير مختال ) رواه الترمذي وهؤلاء جمعوا بين الظلم والبخل والكبر

وورد إن الملائكة أسرع إلى فسقة القراء قبل المشركين  ففي الحديث (الزبانية أسرع إلى فسقة القراء منهم إلى عبدة الأوثان فيقولون يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان فيقال لهم ليس من علم كمن لم يعلم ) رواه الطبراني

لكن ورد في أحاديث عدة ( خروج عنق من النار يوم القيامة يتكلم بلسان طلق ذلق وعينان تبصران  وتقول وكلت بثلاثة ) بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وأصحاب التصاوير فينطلق بهم إلى النار قبل سائر الناس بخمسمائة سنة ) رواه الترمذي ذكرها الإمام ابن رجب

أما حزن أهلها فليس كالأحزان فلك ان تتصور وتتامل هذه الايات لتستشعر عظم الندامة والحسرة والحزن الذي هم فيه  يقول الله تعالى ( فاما من اوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم اوت كتابيه ولم ادري ما حسابيه ياليتها كانت القاضيه ما اغنى عني ماليه هلك عني سلطانية ) اعدها مرات وكرات لتستشعرعظم المصيبة التي وقعو فيها عياذا بالله من مواقف الخزي والندامة

اما صفة اهل النار الذين هم اهلها فيقول وهب بن منبه رحمه الله تعالى ( ان اهل النار الذين هم اهلها  هم في النار  لايهتدون ولاينامون ولايموتون يمشون على النار ويجلسون على النار ويشربون من صديد النار  وياكلون من زقوم النار لحافهم نار فرشهم نار قمصهم نار وتغشى وجههم النار) رواه ابن ابي الدنياثم بكى وهب حتى سقط مغشيا عليه ، واشد ما قاله الشعراء في النار ما قال ابن المبارك

تهوي بسكانها طورا وترفعهم                     اذا رجوا مخرجا من غمها قمعوا

وفي قصة الاسراء ( ثم عرضت علي النار فاذا فيها غضب الله ورجزه ونقمته لو طرح فيها الحديد لأكلتها )

ادنى اهل النار عذابا في النار ففي الحديث ( ان ادنى اهل النار عذابا  ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حر نعليه ما يرى ان احد اشد منه عذابا وانه لاهونهم عذابا ) رواه مسلم قيل انه ابوطالب

اما اهل النار من عصاة الموحدين ففي الحديث ( واهل النارخمسة  الضعيف الذي لازبر له الذين هم فيكم تبع لايبغون اهلا ولامالا والخائن الذي لايخفى له طمع وان دق الا خانه  ورجل لايصبح ولايمسى الا وهو يخادعك على اهلك ومالك  والبخيل والكذاب والشنظير الفاحش) رواه مسلم عن عياض

اما الاول فهو صاحب النفس الساقطة ليس له هم في الدنيا والاخرة سوى شهوة فرجه وبطنه واما الثاني أي لايقدر على خيانة وان كانت يسيرة الا بادراليها  وما الثالث فهو المخادع وفي الحديث عن ابن مسعود ( والمكر والخداع في النار) رواه الطبراني في الكبير والصغير واسناده جيد اما الرابع شك الراوي الكذب والبخل لكن عند احمد الكذب او البخل  قيل عدهما واحد وكلاهما ينشا عن الشح ومعنى الشح اخذ المال بغير حقه والبخل  منعه من حقه  وينشا عن الشح الكذب والمخادعة اما الخامس معناه سيء الخلق ) ذكره الامام ابن رجب

وفي الحديث ( الااخبركم باهل النار ( كل عتل جواظ مستكبر) رواه البخاري عن حارثة بن وهب فاهل النار يمتازون بصحة الجسم وقوته وكثرة المال والتنعم بشهوات الدنيا والتكبر والتعاظم على الخلق) ذكره ابن رجب رحمه الله

متى يكتشف العبد خطورة هذا الكلام  اذا كشف الغطاء( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) ورفع الاختبار ونزعت من قلبه محبة الدنيا وراى الاخرة امامه الجنة ونعيمها والنار وجحيمها وعلم انه لن يدخل الجنة الا بعمل صالح ولاينجو من النار الا بذلك طلب الرجعة ( قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت) هنالك يقول الله  ( ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء اجلها ) فتجتمع عليه سكرة الموت وحسرة الفوت  قالوا لعبد الملك بن مروان كيف تجدك قال اجدني كما قال الله ( ولقد جئتمونا فرادىكما خلقناكم اول مرة وتركتم ما خولنكم وراء ظهوركم ) هنالك يترك القصر المشيد ويترك اموال في البنوك ويترك الزوجات والابناء ففي هذه الساعة والله لاتكون الحسرة على زهرة الدنيا بل يتمنى لو يمد في عمره ولو دقيقة لعله يزيد حسنة او يمحو سيئة والخيار لك ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون

المرحلة التاسعة فهي نصب الصراط

ثم ينتهي الناس بعد مفارقتهم مكان الموقف الى الظلمة دون الصراط عند الجسر قالت عائشه اين يكون الناس يوم تبد ل الارض غير الارض والسموات فقال هم في الظلمة دون الجسر  وذلك  عندما يتفرق العباد عن موقف الحساب ففي البخاري (ويتبع كل من كان يعبد الها الهه حتى لايبقى الا من كان يعبد الله من براو فاجر فيقول الله لهم هل بينكم وبين ربكم علامة تعرفونها فيقولون الساق فيكشف عن ساقة ( يوم يكشف عن ساق )  ويسجد له كل مؤمن ويبقى كل من كان يسجد رياء وسمعة ويجعل الله ظهره طبقة واحدة كلما اراد ان يسجد خر الى قفاه  ) رواه البخاري ثم تقسم الانوار بعد السجود فيعطى كل انسان منهم من مؤمن ومنافق نورا يتبعه فمنهم من نوره مثل الشمس ومنهم مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة ومنهم يضيء له تارة ويطفى تارة اخرى فاذا وصل المنافقون الجسر ذهب الله  بنورهم فلما راى المؤمنون ذلك اشفقوا فقالوا (ربنا اتمم لنا نورنا واغفرا لنا ذنوبنا ) ذكره القرطبي.

بعدها ينصب الصراط على متن جهنم وهو ادق من الشعرة واحد من السيف  دحض مزلة يتكفا بجنبتيه كلاليب من ناروحسك تخطف بها  وترسل الامانة والرحم على جنبتي الصراط (فالزالون والزالات يومئذ كثير)رواه البيهقي وابن كثير في التفسير زاد القرطبي ( واكثر من يزل النساء ) وفي بعض الاثار ان طوله مسيرة خمسة عشر سنة  ( فيمر المؤمنون كالطرف وكالبرق وكالريح وكالطير وكاجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكردس في النار ) رواه مسلم

ولك ان تتصور من تزل قدمه فيسقط كم يهوي سمع الرسول صلى الله عليه وسلم وجبة فقال اتدرون ما هذا قلنا الله ورسوله اعلم قال هذا حجر ارسل في جهنم منذ سبعين عاما الآن حتى انتهى الى قعرها ) رواه مسلم وورد ان وزن هذه الصخرة بعشر حلفات سمان) الترغيب للمنذري

من اراد من المؤمنين ان يسرع على الصراط فلا يحدث في الدين ففي الحديث ( علم الناس سنتي وان كرهوا ذلك وان احببت ان لاتوقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة فلا تحدثن في دين الله حدثا برايك ) رواه الحافظ الوائلي في الايمان وابن كثير في النهاية وقال القرطبي اسناد غريب والمتن حسن

المرحلة العاشرة القنطرة 

ان اهل الايمان اذا جاوزوا الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيهذبون وينقون من بقايا بقيت عليهم قصرت بهم عن دخول الجنة ولم توجب لهم دخول النار حتى اذا هذبوا ونقوا اذن لهم بدخول الجنة ففي الحديث ( يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى اذا هذبوا ونقوا اذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم اهدى بمنزله في الجنة منه بمنزلة كان في الدنيا) رواه البخاري

ففي هذه القنطرة يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا ويدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل.لان الله جعل دخول الجنة موقوفا على الطيب والطهارة  فلا يدخلها الاطيب يقول الله (طبتم فادخلوها خالدين) فالجنة لا يدخلها خبيث لانها دار الطيبين 


اما صفة الجنة فهي مفاجئة بجميع  المقاييس فتعالو نتفرج على الجنة وما فيها من النعيم والسرور بعدما مررنا على المراحل العشر وبعدما عرفنا الدنيا وحقيقتها وانا اريد من كل واحد يقول انا اريد الجنة واجعل شعارك الابدي احسن ما قاله الشعراء في الجنة

فحلت سويدا القلب لاانا باغيا                  سواها ولا عن حالها اتحول

اما اول من يدخل الجنة

 فهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ففي الحديث ( اتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من انت فاقول محمد فيقول بك امرت لاافتح لأحد قبلك) رواه مسلم عن انس

اما صفة ابواب الجنة 

فهي ذهب ففي الحديث ( وينتهون الى باب من ابوابها فاذا حلقة حمراء على صفائح الذهب فيضربون الحلقة بالصفيحة ) راه ابن ابي الدنيا عن علي

اما سعة ابوابها

فبين كل بابين  سبعون عاما ففي الحديث ( وان للجنة ثمانية ابواب ما منهن بابان الا ويسير الراكب بينهما سبعين عاما ) رواه احمد كما في حديث لقيط الطويل والطبراني اما مابين مصراعي الباب فمسيرة اربعين سنة ففي الحديث (مابين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة اربعين سنة ولياتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام)رواه مسلم واحمد وعددها ثمانية ابواب كما سبق وسياتي عليها يوم من الايام وهي كظيظة من الزحام حتى ان الاكتاف لتكاد تنخلع جعلنا الله ممن يزاحم على تلك الابواب

اما ريح الجنة

فيوجد من مسيرة خمسمائة عام وان تشا فمسيرة اربعين عاما وكذا روي سبعين عاما وكلها وردت بحسب عمل الانسان يقول انس بن النضر واها للجنة اني لأجد ريحها من دون احد ونظر الى المدينة وقال اللهم لاترجعني اليها ورفع يديه ثم قال اللهم اسالك ليلة ليلها في الدنيا ونهارها في الجنة هل تجد ريح الجنة يمكن عندك زكام فوجد انس بن النضر فيه ثمانون طعنة ووجدوه شهيدا تحت جبل احد هل عمرك مرت بك نسمة فقلت مثل ما قال انس واها للجنة او تذكرت الجنةانا اريدك تكون الجنةعلى بالك دائما 

اما اول زمرة تدخل الجنة

 وجوههم كالبدر ليلة التمام  ففي الحديث (اول زمرة تدخل الجنة على صورة البدر ليلة التمام ) رواه البخاري هل تخيلت القمر الذي ينور للكرة الارضية أي دنيا تكون اعزعليكم من الجنة طيب فان قال قائل ياترى منهم ما هي اعمالهم فالجواب ببساطة ورد في حديث ( ليدخلن الجنة من امتي سبعين الفا او سبعمئة الف (شك الرواي) متماسكون آخذ بعضهم بعضا لايدخل اولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على صورة القمر ليلة البدر )رواه الشيخان من حديث سهل فخاض الصحابة فيهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هم الذين لايكتون ولايتطيرون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون) رواه البخاري فان قال قائل هذه سهلة لن اكتوي ولن اتطير وانا منهم فالجواب ليست بهذه البساطة معناه انك تحقق التوكل على الله فلا يتعلق قلبك بغير الله اللهم لاتعلق قلوبنا باحد سواك.

اما فرح اهل الجنة اذا اخذوا كتابهم

فتامل هذه الايات وكأنه يلوح لأهل الموقف بفلاحه(فاما من اوتي كتابه بيمنه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه اني ظننت اني ملاق حسابية فهو في عيشة راضية في جنة عالية ).

اما كيف يعرف اهل الجنة منازلهم في الجنة

فالواحد يدخل الجنة وهو يعرف منزله اشد من معرفة بيته في الدنيا فلا يدخل غريب ما يدري اين منزله ( ويدخلهم الجنة عرفها لهم ).

اما وصف اهل الجنة

( لايبصقون فيها ولا يتغوطون فيها ولايتمخطون فيها آنيتهم وامشاطهم الذهب والفضة ورشخهم المسك لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن) رواه البخاري.

اما اهل الجنة

ففي الحديث ( أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال ) رواه مسلم وعند النسائي ( ألا أخبركم بنساؤكم من أهل الجنة الودود الولود التي إذا غضب أو غضبت جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها ثم تقول لا أذوق غمضا حتى ترضى ) عن ابن عباس.

فهم ثلاثة أصناف الأول سار في سلطانه بالعدل ثم ارتقى إلى درجة الفضل والثاني لم يخص رحمته بقرابته بل يرحم المسلمين والثالث محتاج فعف وهو احد نوعي الجود اعني العفة.

وفي الحديث(ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره )رواه البخاري عن حارثة بن وهب فضعف البدن والاستضعاف في الدنيا من قلة المال والسلطان مع الإيمان هو جماع الخير ولهذا يقال من العصمة ألا تجد) ذكره ابن رجب رحمه الله وفي قصة عمر بن عبد العزيز مع أبي حازم حين رآه خليفة وقد شحب لونه وتغير حاله فقال له ألم يكن ثوبك نقيا ووجهك وضيا وطعامك شهيا ومركبك وطيا فقال له عمر بن عبد العزيز ألم تخبرني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أن من وراءكم عقبة كؤودا لا يجوزها الاكل ضامر مهزول ) انظر البدابة والنهايةج10.

أما آذان أهل الجنة الذي يؤذنون به

 فأربعة مطالب تلغي مشاكل الدنيا( ينادي المنادي أن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وان لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وان لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وان لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا) رواه مسلم مشاكل الدنيا مرض موت فقر هرم لكن كيف تقاس دنيا بدار قال الله تعالى فيها  ( ادخلوها بسلام آمنين ) سلام من كل آفة وأمان من كل خوف.

أما أدنى أهل الجنة منزلة :

وما فيهم دني لأنه ليس في الجنة نقصان بل هو آخر واحد يدخل الجنة وآخر واحد يخرج من النار ففي الحديث ( إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل النار دخولا الجنة رجل يخرج من النار حبوا فتلفحه النار مرة ويحبو مرة  فإذا جاوزها التفت إليها وقال تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين   فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيقول: يارب وجدتها ملأى ،فيقول: اذهب فادخل فيها ،فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى ،فيرجع فيقول يارب وجدتها ملأى قد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقال له ذلك لك ومثله ومثله ومثله ومثله ومثله فيقول في الخامسة رضيت يارب فيقول لك هذا وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك ) رواه مسلم وورد أن أدنى أهل الجنة منزلة ليسير في ملكه ألفي سنة ما يقطعه فان قلت من يقطعها ففي الحديث ( أن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل ينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه ينظر إلى أزواجه وسرره وخدمه ) رواه احمد والطبراني عن ابن عمر أما أعلى أهل الجنة من ينظر إلى الله بالغداة والعشي وهم من غرس الله كرامتهم بيده.

أما بناء الجنة

 فلبنة من ذهب  ولبنة من فضة فان قال قائل أريد أن اشتري مترين في الجنة فيا ترى بكم هي فالجواب متران بركعتين بصلة أرحام ببر الوالدين بحسن جوار.

وفي الختام الجنة مفاجأة بجميع المقاييس ففي الحديث( أن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا)رواه مسلم زاد الإمام الترمذي ثم ينادي المنادي يا أهل الجنة أن الله يستزيدكم فتعد نجائب يركبون عليها حتى يأتون سوق الجنة فيأتون وقد أعدت لهم كراسي  فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ويجلس أدناهم وما فيهم دنيء على كثبان المسك والكافور وما يرون أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا ( يعني ليس كل واحد يجلس بمزاجه لكن يرضى بما أعطاه الله ) قال أبو هريرة يا رسول الله هل نرى ربنا قال نعم ولا يبقى أحد في ذلك المجلس إلا ويحاضره الله محاضرة حتى أنه ليقول للرجل منكم ألا تذكر يا فلان يوم عملت كذا وكذا يذكره بعض غدراته في الدنيا فيقول بلى يارب ألم تغفر لي فيقول بلى وبمغفرتي لك بلغت منزلتك هذه فبينما هم كذلك إذ غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا أبدا ثم يكشف الجبار الحجب فما أعطو لذة منذ أن خلقوا  أحب إليهم من لذة النظر ‘لى وجهه الكريم ) اللهم نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك.

 يالله سوف نرى ربنا الذي نعبده ونرى ربنا الذي خلقنا ورزقنا ومن كل بلاء حسن أبلانا فالسابق إلى صلاة الجمعة هو المقدم هناك في صفوف الجنة يوم المزيد على كراسي الذهب يقول ابن القيم .

سبق بسبق والمؤخــر هنا               متأخر في ذلك الميدان

والأقربون إلى الامام فهم أولوا الزلفى              هناك فها هنا قــربان

والله ما تزينت الجنة لأمة مثلما تزينت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن يا للأسف ثم لا تجد لها عاشقا يدفع المهر صحيح فيه ناسا دفعوا المهر ولكن هناك  ناس تصرف أعمارها وأنفاسها في الكلام الفاضي وفيما لا طائل وراءه وما احسن ما قال ابن القيم.

يا سلعة الرحمن لست رخيصة      بل أنت غالية على الكســـــلان

يا سلعة الرــــحمن ليس ينالها   في الألف إلا واحـــــد لااثنان

يا سلعة الرحمن ماذا كـفؤها                       إلا أولو التقـــــوى مع الإيمان

يا سلعة الرحمن سوقك كاسد                    بين الأراذل ســـــــفلة الحيوان

يا سلعة الرحمن أين المشتري                       فلقد عرضت بأيسر الأثمان

يا سلعة الرحمن هل من خاطب                   فالمهر قبل الموت ذو إمكان

يا سلعة الرحــــــمن لولا أنها                      حجبت بكل مكاره الإنسان

ما كان عنها قط من  متخـلف                       وتعطلت دار الجـــزاء الثاني

ولكنها حجبت بكل كريهة                        ليصد عنها المبطل المتواني

وفي الحديث ( ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة ) الترمذي وفي الحديث أيضا ( إلا هل مشمر للجنة فان الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة في مقام أبدا في دار سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية ) قالوا نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها فقال قولوا أن شاء الله قال القوم أن شاء الله ) رواه ابن ماجة وابن حبان والبيهقي والبزار عن أسامة بن زيد وهو في الترغيب .       

وإذا تبين هذا كله فلقد جربنا وجرب غيرنا فلم نجد في حياتنا أعون على قهر النفس وعصيان الشهوة وأجمع للقلب الشارد الملتفت وأضم للهم المنتشر وأحدث للقناعة وأطرد للشيطان وأبعد عن كثير من الفتن وأضبط لأمر الدين بالجملة من سماع أخبار الجنة فلله الحمد على ما يسر من هذا المبحث اللطيف وأعان عليه ورزق من الصبر وأوزع من الشكر فله الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا حمدا لاينفد ولا يبيد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك يارب.

وان كان بقي لنا من وصية أخيرة فهي التوبة فإن قال قائل أتوب من ماذا  ما عندي ذنوب أنا والحمد لله ما عملت ذنوب كبيرة حتى أتوب منها أو يقول لك أنت رأيتني أعصى الله إذا نحن نحتاج في البداية إلى تشخيص الداء لنصف الدواء هل صحيح أننا نحتاج إلى توبة  تعالوا نحاسب أنفسنا قليلا أنت تقول أنا رجل محترم أنا ما عملت كبائر أقول لك ؟ لا فيه عندك كبائر لكنك قد لا تشعر بها طيب الناس الذين لا يصلون  أليست هذه كبيرة وفيه شباب لا تصلون وفيه بنات لا يصلين  وما ينقمون على الله ألا إن أغناهم الله أليست هذه كبائر وما رأيك فيمن يجمع الصلوات من غير عذر ففي الحديث (من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر )رواه الترمذي والحاكم عن ابن عباس وفيه ناس لهم عشر سنوات أو اكثر ما يصلون الفجر أصلا  فهل نحن نحتاج إلى التوبة من اجل الصلوات التي تترك أم من اجل الصلوات التي  يتهاونون في أدائها وهل نحن نحتاج للتوبة من اجل عقوق الوالدين إن دمعة الألم أو الحزن بسب الولد أو البنت هل هي في ميزان السيئات أم الحسنات أو إغلاق الباب في وجه أحد الوالدين أليس هو عظيم جد عظم  كيف نتخيل ما عندنا ذنوب ثبت عند احمد ومسلم (إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنا قبلت فاعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم واحمر وجهه فانزل الله قوله تعالى ( أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) فمن اجل قبلة واحد يحتاج إلى صلوات كثيرة حتى تكفر هذه السيئة .

إذاً نحن نحتاج للتوبة من اجل تقصيرنا في حقوق الله أو قطيعة الأرحام أو سوء الجوار أو ضياع حقوق الأولاد والبنات أو تساهل بعض النساء في الحجاب تخيلي أيتها المرأة لو كل واحد ينظر إليك كم يكتب عليك من سيئات وأنت متبرجة أو متنقبة هو تكتب عليه سيئة وأنت سيئة وما من رجل يفتن بك ألا لقيت الله بتك الفتنة بل كم تمرين على أناس في الساحل أو في السوق وكم تكسبين من سيئات تسود بها صحيفتك في تلك الأماكن التي ترفع فيها رايات الشيطان اعني الأسواق ونحن نحتاج للتوبة من اجل تقصيرنا في شكر نعم الله الغادية والرائحة بيت وسيارة وأولاد وأمن وأمان وصحة وعافية ثم لا نشكو من جوع ولا ظمأ ولا عري ولا خوف ( وما بكم من نعمة فمن الله)سورة النحل يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم ما اصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر ) رواه أبو داود وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتوحات الربانية ونحن نحتاج للتوبة من الغفلة التي نحن واقعون فيها وهي من اصعب الأشياء فلو قدر لك إن حصل بينك بين شخص خلاف وإساءة إليه تجدك تحرص على الاعتذار له لكن لو أساءت لشخص ولم تشعر بإساءتك له فكيف تعتذر ومن هنا الغفلة اخطر من المعاصي فان قيل الغفلة من ماذا( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر محدث ألا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم ) الأنبياء يعني إن الناس مشغلون بسكرة العيش ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون) يصعب عليهم صلاة ركعتين ولكنه يمكن إن يسهر أو يقف أمام الملهيات ساعات.

وإذا عرف هذا فماذا يريد الله منا ( يريد الله إن يتوب عليكم) النساء وهي المقصودة في قوله سبحانه وتعالى ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) قال العلماء هذه الآية اشتملت على ثلاثة أمور:

انه يجب على كل مؤمن التوبة لان الله أمر بها وأوامره واجبة.

أنها لا تختص بالعصاة وحدهم بل تشمل الجميع الصالح والطالح لأنها تشمل الذنوب وغيرها فالمذنب يحتاج إلى التوبة والصالح يحتاج أيضا للتوبة حتى يثبته الله ويستمر على طاعة ربه لأن الاستغفار سبب للرحمة يقول الله تعالى (لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون) الأنبياء فالاستغفار والتوبة سبب لتكفير الذنوب وستر العيوب وسبب للرحمة .

لان الذنب على الذنب على الذنب يتراكم حتى يعمي القلب ومن هنا اخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله سبعين مرة ) وكان صلى الله عليه وسلم يلهج بالإستغفار والتوبة صباحا مساء وليلا ونهار وفي كل مجلس وهو أطهر مخلوق وكان يستغفر إذا استفتح الصلاة وإذا ركع وإذا سجد وبين السجدتين وقبل السلام .

وإذا كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  الطيب الطاهر يطلب المغفرة فماذا نقول نحن وإني أقول كما قال طلق ابن حبيب أن حقوق الله اعظم من أن يقوم بها العباد وان نعم الله اكثر من أن تحصى أو يقوم بشكرها العباد  ولكن اصبحوا تائبين وأمسوا تائبين)  فنحن بين نعمة لا تشكر أو ذنب لا يستغفر منه والذنوب تورث الذل وتسلط الأعداء وتوجب الفتن وأن النجاة منها بهذه الكلمات الصادقات يقول شيخنا الشنقيطي حفظه الله  وإن أصدق توبة على وجه الأرض هي التوبة النصوح وسميت نصوح لأنه لا غش فيها وهي ما جمعت أربعة أمور:

أولها ندم القلب فالله رضي منك الندم والحزن على ما صنعت مقابل المغفرة.

الإقلاع عن الذنب ( ولم يصروا على ما فعلوا وهو يعلمون) لان شرط التوبة الاستغفار مع عدم الإصرار.

 العزم على عدم العودة إلى الذنب مع صلاح حال الجوارح والأركان.

فأما ندم القلب فلا يحركه إلا الله وإذا تحرك الندم في القلب جاءت رحمة الله علام الغيوب فتحرك اللسان بالاستغفار ولهذا لما صدق قوم يونس عليه السلام وفقدوا نبيهم وعاينوا العذاب خرجوا إلى الصعدات يجأرون إلى الله فلما علم الله منهم صدق التوبة والندامة كشف عنهم العذاب .

ومن تمام التوبة رد الحقوق إلى أهلها.

وان أحلى أيام الحياة يوم تحس انك قريب من الله ويم يتوب الله عليك ولهذا لما جاء كعب بن مالك ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( يا كعب ابشر بخير يوم منذ ولدتك أمك تاب الله عليك ).

فالتوبة يحتاجها الجميع كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لان البعض قد يغتر بصلاته أو بصلاحه أو بهدايته ويظن أن التوبة خاصة بالمعرضين ووالله أن التوبة يحتاجها الطائع قبل العاصي.

وقد ذكر شيخنا المبارك بقية السلف أبو حمزة عبد الرحيم الطحان حفظه الله ورعاه وجعل أعالي الفردوس مأواه ذكر المحصنات وقال هي كثيرة وأبرزها خمسة عشر أمرا وأنها تجمع في أمرين  تخلية وتحلية.

أما التخلية فأبرزها سبعة وهي بعدد أبواب النار وأما التحلية فهي ثمانية وهي بعدد أبواب الجنة وعليه فالتخلية هي التخلي عن الرذائل والتحلية هي التحلي  بالفضائل أما فضائل وفيها دنس فلا يصلح أبدا وهذا مثل من يتطيب وعنده في بدنه روائح كريهة فخير له من الطيب لو غسل بدنه لأنه مهما طيب نفسه فالقذر سيغلب لكن الأحلى والأجمل أن يتخلى عن الأوساخ ثم يتطيب ولذا يقال التخلية قبل التحلية لان الدين يقوم على اجتناب وامتثال فتكتسب الخيرات وتجتنب المنكرات  لان من لم يفعل ذلك كان كمن يبني قصرا ويهدم مصرا يقول بعض العتاة أنا مسلم ماركسي يعني انه موحد وملحد كيف هدى وردى فضيل ورذيلة لكن الدين الحق تجتنب كل رذيلة وتكتسب كل فضيلة.

وعلى كل حال التخلية أبرزها سبعة أمور وهي بعدد أبواب النار:

حفظ الخطرات لان من لم يشغل نفسه بالحق شغلته بالباطل فإذا غفل قلبك صار فيه الشيطان فكثرت فيه الأوهام.

حفظ اللحظات وكثرة النظر الحرام من اعظم أسباب قساوة القلب وقد اخبرنا ربنا أن الإنسان مسئول عن بصره ( أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك عنه مسئولا).

حفظ اللفظات ففي الحديث ( من اتقى الله كل لسانه ولم يشفي غيظه ) يقول شيخنا والله لو أن الواحد يدفع على كلامه مالا لكف عن كثير من الهذيان لكن لما اصبح كلامنا لا يكلفنا إلا حماقة نسأل عنه أمام الله غدا أكثرنا منه وطلقنا ألسنتنا ).

حفظ الخطوات فكل من يخطو خطوة فأما أن تكون لله أو لغير الله أما لله أو لنفسه أو للشيطان ومن هنا سأل أهل الإيمان الله أن يجعل مدخلهم مدخل صدق ومخرجهم مخرج صدق فمن كان مدخله ومخرجه صادقا وجعل الله له لسان صدق كان له عند الله يوم القيامة قدم صدق.

قال العلماء من حفظ هذه الأربع الخطرات ومحلها القلب اللفظات ومحلها اللسان النظرات ومحلها البصر الخطوات ومحلها الرجلان   فمن حفظ هذه الأربع فهو صديق.

حفظ السمع فإياك وسماع الحرام فانه حرام سواء باشرت بنفسك أو شاركت فيها باستماعك قال عمر لمولاه ( نزه سمعك عن استماع الخناء كما تنزه لسانك عن القول به فان المستمع شريك القائل ) قلت :وليس من شرط سماع الحرام فقط أن تسمع أغنية بل قد تسمع غيبه أو نميمة وغيرها.

حفظ البطن اخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن الإنسان لا يوصف بصفة الحياء على وجه التمام إلا إذا ابتعد عن أكل الحرام  وأكل الحلال وحفظ بطنه .فقد ثبت في مسند احمد والترمذي عن ابن مسعود قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( استحيوا من الله حق الحياء ) فقال الصحابة: كلنا نستحي من الله والحمد لله فقال ليس ذاك أي ليس دعوى ولا كلام فقال: (إنما الحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وان تذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ).

لأن الجنة تحتاج إلى احتياط واحتراز ،وحزم في طاعة الله تريد قصور في جنات رب العالمين لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ولا تجد مشقة ،ولا شدة فلا بد من حفظ الجوارح.

حفظ الفرج والمراد به حفظه مطلقا فلا يجوز كشفة ولا أن تقع في الحرام وفي الحديث ( إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى ) رواه احمد والبزار عن أبي برزة.

بعد أن تتخلى عن هذه الأمور السبعة تحرص على أن تتحلى بهذه الأمور الثمانية وهي بعدد أبواب الجنة.

الأمر الأول : كثرة الاستعاذة من الشيطان لان كل باب خير مغلق حتى يفتحه الله وييسره والشيطان قعد للإنسان بالرصد فلا يطلب باب خير إلا قفله في وجهه وزهده فيه إلا أن يفتحه الله له فلا معين على الخير غير الله . وهل يستطيع عبد أن يعمل بغير توفيق الله وطرق إضلال الشيطان للإنسان سبعة الشرك ،والبدعة، والكبائر، والصغائر، وإشغاله بالمباحات،  وإشعاله بالمفضول عن الفاضل .فان عجز تسلط عليه بشياطين الإنس والجن ) قال ابن الجزري:

شيطاننا المغوي عدوا فاعتصم               بالله منه والتجىء وتعوذ

وعدوك الانسي دار وداده تملكه    وادفع  بالتي فاذا  الذي

 الأمر الثاني  : كثرة قراءة القران ( أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) قلت قال العماد المقدسي في الطبقات: ( اكثر من قراءة القرآن ولا تتركه فانه يتيسر لك الذي تطلبه على قدر ما تقرأ قال الراوي : وقد جربت ذلك فكنت إذا قرأت القرآن تيسر لي كتابة الحديث وإذا لم أقرأ لم يتيسر لي.

وقال  شيخنا محمد المختار نخشى أن نخرج من الدنيا ولسنا من أهل القرآن وقيام الليل وما خشعت قلوبنا عند سماعه أسأل الله العظيم أن يحي قلوبنا بالقرآن العظيم.

الأمر الثالث : أن يكثر من ذكر الله على الدوام ( يأبها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ) فضد الذكر النسيان قلت  ورتب الله على الإكثار من ذكره الهداية فقال سبحانه ( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور ).

الأمر الرابع : كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من اجل القربات وأحسنها وقد صلى الله عليه وملائكته تشريفا له وتكريما فيجب علينا معرف منزلته حتى نوقره ونجله ونتقرب إلى الله بحبه 0

يقول شيخنا محمد المختار:سل نفسك كم تصلي عليه في يومك وأسبوعك بل أن البعض يجلس في مجلس العلم ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يسلم وممكن يسلم بقلبه واقل ما فيها المخالفة بقي تنبيه لا تصلي عليه مباشرة بل قل اللهم صل وسلم وبارك عليه هذا اختصارا والأفضل الوارد كالتشهد الأخير.

فوائد الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم:

 أن من اكثر من الصلاة عليه أخرجه الله من الظلمات إلى النور وتأتى الصلاة من الله على نبيه بمعنى الثناء عليه في الملأ الأعلى والصلاة من الله على عباده بمعنى الرحمة ومن الملائكة بمعنى الدعاء ثبت في مسند احمد والأربعة ( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا ) .

الأوقات التي يندب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة

في الصباح والمساء ثبت عند الامام الطبراني بسند رجاله ثقات عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى علي حين يصبح وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة )

الصلاة عليه في أي موطن أو في أي  مجلس نجلس فيه ثبت في مسند احمد والترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  ( وما جلس قوما لم يذكروا الله ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة وأمرهم إلى الله أن شاء عذبهم وان شاء غفر لهم ).

الصلاة عليه يوم الجمعة قال شيخنا الشنقيطي: أن كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة افضل من قراءة القران لا من حيث الجنس ،ولكن من جهة المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في مسند احمد وأبي داود عن أوس بن أوس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اكثروا علي من الصلاة علي يوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي فيه) فقال الصحابة: يا رسول الله كيف تعرض عليك وقد أرمت أو أرمت عظامك يعني بليت فقال ( أن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء ) .

ألا تستحي أن تعرض صلاتك على النبي صلى الله عليه وسلم وأنت قليل البضاعة يوم الجمعة أو قليل العدد  أن حفظ حق النبي صلى الله عليه وسلم حفظ للدين  ومع الأسف هذه السنة مهجورة عند الكثير من الناس  قال الامام احمد تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم لله أن موسى عليه السلام ضرب بعصاه البحر فانفلق فكان  كل فرق كالطود العظيم ) واعظم منه من تفجر الماء من بين أصابعه من بين اللحم والدم فصدر عنه ألف وخمس مائة قال جابر : لو كنا مائة ألف لوسعنا.

الأمر الخامس :  الحرص على طلب العلم  جاء رجل إلى ابن عمر فقال له  علمني شيئا أنال به خير فقال له تفقه في دين الله فأعاد عليه السؤال فقال له تفقه في دين الله فقال السائل ما أراه فهم فأعاد عليه السؤال فقال له: ويحك تفقه في دين الله ينفعك القليل من العمل ). رواه الخطيب لان من عبد الله على جهل كان ما يفسد اكثر من ما يصلح وفي الحديث ( من سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ) رواه البخاري من حديث سهل ثبت عند الطبراني عن حذيفة (فضل العلم خير من فضل العبادة وخبر الدين الورع )  قال كاتب هذه الأسطر لان للعلم بركات وللملك لمات فأرجوا لمن تعلم أن يقوده العلم إلى ثمراته وان يحول بينه وبين خطوات الشيطان.

الأمر السادس : الإكثار من الصوم ثبت في مسند احمد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت مرني بعمل يدخلني الجنة فقال عليك بالصوم فانه لا عدل له ) ومن فوائد الصوم أن النبي صلى الله عليه سلم أرشد إليه خصوصا العاجز عن النكاح ففي الصحيحين عن ابن مسعود ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر، واحفظ للفرج فان لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) فجمع هذا الحديث حكمين وحكمتين.

الأمر السابع: الوضوء فانه من خصال الإيمان الخفية فهو سلاح المؤمن وشطر الإيمان ولا يحافظ عليه إلا مؤمن.

الأمر الثامن: لزوم جماعة المسلمين والمراد بجماعة المسلمين الحق وأهله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) ومن هنا فإن من مصلحة المسلمين في دينهم ودنياهم اعتصامهم بحبل الله يقول شيخنا محمد المختار:يحتاج المسلم زمان الفتن إلى وصية عظيمة مهمة ألا وهي الثبات على الحق فلا يبالي بهذه الفتن مهما اشتدت ، وإننا كل يوم نردد مئات المرات الله أكبر فهو أكبر وأعظم من كل شيء وكلمة الله نافذة ولاشك أن هذه الفتن تقرح القلوب لكن لا تثنيك عن العمل لأن الله يحب في الفتن أولي العزم والعزم لا يأتي إلا بالصبر.

تمت هذه المحصنات لشيخنا المبارك ختم الله له ولشيخنا محمد المختار بخاتمة السعداء وبلغنا وإياهم دار السعداء مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

يقول العبد الخاضع الذليل والعبد الحقير راجي رحمة ربه الكريم تمت هذه الرسالة بحمد الله وتوفيقه اللهم أنت المتفضل علينا بهذا العمل فمن نحن حتى نقوم بهذا العمل لولا فضلك أولا وآخرا وظاهرا وباطنا اللهم يا مالك الملك يا من بيده خزائن كل شيء أسألك أن تفتح أمامنا أبواب رحمتك وظننا بك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين أن تغفر ذنوبنا ، وتستر عيوبنا .اللهم لا تفضحنا على رؤوس الأشهاد وأدخلنا الجنة برحمتك والله ما عندنا عمل يؤهلنا لدخول جنتك ولا تقوى أبداننا على نارك وقد وحدناك وآمنا بك ونسألك أن تحفظنا من الشرك بك كله وإذا لقيناك على التوحيد ومعنا رجاؤنا برحمتك فأرجى ما عندنا توحيدنا بربنا ورجاءنا برحمة خالقنا اللهم انك قلت أنا عند حسن ظن عبد بي اللهم نحسن الظن بك أن تلقينا من رحمتك وعفوك وإحسانك ومغفرتك فوق ما نأمل ونرجو واصرف عنا برحمتك من الشر والبلاء والأذى فوق ما نأمل ونحذر اللهم اجعل اعز اللحظات وأسعدها لحظة الخروج من الدنيا والمصير إليك اللهم لا تخرجنا من هذه الدنيا إلا بالروح والريحان والرحمة والغفران وان تكون راضيا عنا غير غضبان يا رحمان اللهم أنا نسألك ونحن لازلنا في هذه الدنيا وقبل المصير إليك أن ترحمنا في تلك المنازل إذا انقطع عنا القريب والبعيد وان تعيذنا من فتن القبور ومن أهوال البعث والنشور اللهم الطف بنا إذا ضمتنا اللحود وهجم على الأجساد الدود اللهم إني أعهد إليك في هذه الدنيا وقبل المصير إليك في تلك المنازل  أن تذكرنا فيها بالرحمة الواسعة اللهم أنا نسألك بعزتك وجلالك وعظمتك وكمال إحسانك أن لاتكلنا إلى أعمالنا وان تعاملنا بالحلم والرحمة اللهم أقل فيها عثراتنا وآمن فيها روعاتنا ،واصبغ علينا فيها شآبيب الرحمات لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين اللهم ارحم فيها غربتنا ووحشتنا. اللهم إنا نسألك بعظمتك أن تثقل موازيننا يوم العرض عليك ،وأن ترحم ذل مقامنا وعظيم تقصيرنا ،وأن تعيذنا من فتن تلك القبور والمنازل ،وأن تكون بنا برا رحيما. اللهم إنك أبر وأرحم ،وأحلم من أن تأخذنا بذنوبنا وعيوبنا  يا أكرم من سئل ويا أوسع من أعطي لا إله إلا أنت سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. 

العناوين المبوبة

 
فتنة الدنيا 
المرحلة الأولى الموت 
المرحلة الثانية القبر 
المرحلة الثالثة استقرار الأرواح في البرزخ 
المرحلة الرابعة الفناء الشامل الكامل للكون 
المرحلة الخامسة إبعاد الخلق بعد الفناء 
المرحلة السادسة الخروج من القبور للبعث والنشور
المرحلة السابعة الحساب 
المرحلة الثامنة الميزان 
كيف يساق أهل النار للنار مبحث نفيس جدا 
المرحلة التاسعة نصب الصراط 
المرحلة العاشرة القنطرة 
كيف يدخل أهل الجنة الجنة في مبحث رائع 
فوائد التوبة قواعد أصفى من الذهب 
التخلية وهي بعدد أبواب النار 
التحلية وهي بعدد أبواب الجنة 
دعاء نفيس  
مشاهدة القيامة
كتبــه عبـــدالرحــــمن التــــركي
راجعه فضيلة الشيخ سعد الحجري

كتاب كتاب الحوادث الجامعة والتجارب النافعة ابن الفوطي

  كتاب الحوادث الجامعة والتجارب النافعة ابن  الفوطي   بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين تابع لسنة 626هـ أحد خدم الخليفة إلى الما...